تفاوت النمو بين الشمال والجنوب

يضم المجال المتوسطي مجموعة من الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط ، ويتشكل أساسا من دول شمال إفريقيا وجنوب أوربا بعض دول أسيا. ورغم ما يروج فيه من أطروحات من قبيل الحكامة التشاركية ، وترسيخ قيم التضامن والتعاون وحسن الجوار والاندماج السوسو ثقافي . فإن العلاقات شمال جنوب بين البلدان المطلة على البحر الأبيض المتوسط ، تعرف تفاوتات وإختلالات كبيرة.
1_ وضعية الجغرافيا المتوسطية
في الضفة الشمالية: مناخ رطب ، وغطاء نباتي متنوع ، مع وجود موارد مائية مهمة ، وسهول شاسعة مع ظروف ملائمة لمزاولة الأنشطة الفلاحية.
أما في الضفة الجنوبية: فوجود مناخ جاف وغطاء نباتي متدهور، مع قلة الموارد المائية ، في ظروف طبيعية قاسية تعرقل مزاولة الأنشطة الفلاحية.
2_ التفاوت في المجال الطبيعي
الظروف الطبيعية: التضاريس تعرف تنوعا كبيرا (جبال ،هضاب ، سهول ...). فالسهول في الجنوب ضيقة على عكس الشمال. أما المناخ فيعرف المجال المتوسطي سيادة المناخ المتوسطي ،إلى جانب وجود مناخ محيطي صحراوي ، وتساقطات مهمة في الشمال وشحها إن لم نقل منعدمة في الجنوب . أما ما يخص الثروات الطبيعية : فالجنوب يتوفر على مصادر الطاقة وهي متنوعة و مهمة ،وأيضا هناك المعادن التي يفتقر إليها الشمال ، ويبقى مشكل دول الجنوب في الصعوبات التي تواجهه في تصنيع هذه المولد.
3_ مظاهر التفاوت الاقتصادي
الفلاحة في الشمال: فلاحة عصرية تعتمد على تقنيات عصرية حديثة ومتطورة ،وتستفيد من الأساليب العلمية الحديثة ، ما يؤدي إلى ارتفاع المردود الفلاحي وتزايد الإنتاج وبالتالي العمل على التصدير إلى الخارج . أما في الجنوب فهي فلاحة تقليدية بأساليب وتقنيات بدائية ، وهي فلاحة تخضع لقساوة الظروف الطبيعية (نذوة المياه ، الجفاف .....).وهي فلاحة معيشية،بإنتاج ضعيف نسبيا.
وأما الصناعة: ففي الشمال تعتمد على قوة التركيز والتنظيم الرأسمالي ، و أيصا ضخامة الرساميل والاستثمارات ، مع ضعف تدخل الدولة وأيضا وجود يد عاملة مؤهلة ومدربة.مع الاعتماد على الصناعات العالية التكنولوجيا ، وتصدير الصناعات الملوثة إلى دول الجنوب ، في إطار التقسيم الدولي الجديد للعمل .وأما في الجنوب فالدول تعتمد على تصدير المواد الخام ، مع هيمنة مؤسسات القطاع العمومي على الحياة الاقتصادية والسياسية ، هذا في ظل انتشار الصناعات الملوثة.
أما المبادلات التجارية : فصادرات الشمال نحو الجنوب تتشكل أساسا من المواد العالية التكنولوجية ، ما يجعل ميزانها التجاري يحقق فائضا كبيرا. وأما صادرات الجنوب نحو الشمال فتتشكل من المواد الخام والمواد الاستهلاكية ، وبالتالي يبقى ميزانها التجاري يعرف عجزا كبيرا .
أما السياحة فدول الشمال تعد قطب جذب عالمي على عكس الجنوب ، إذ تعتبر السياحة مصدرا مهما للعملة الصعبة ، وعامل رئيسي للتنمية في دول الجنوب ، في وقت تحتكر فيه دول الشمال السياحة نظرا لتوفرها على مؤهلات سياحية مهمة : مدن تراثية كبيرة وسواحل سياحية من الدرجة الأولى ومحطات سياحية...
4_ مظاهر تفاوت التنمية البشرية بين ضفتي المتوسط
الناتج الوطني الخام حسب الفرد : مرتفع في الشمال يعكس حالة الرخاء والرفاهية الاجتماعيين،أما في الجنوب فهو منخفض يعكس حالة البؤس والفقر .
سوء التغذية : ظاهرة تكاد تختفي في الشمال ، أما الجنوب فتعاني مجتمعاته من سوء التغذية ففي المغرب %6 تعاني من سوء التغذية.
التربية والبحث العلمي : تخصص دول الشمال نسبة مهمة من ناتجها الداخلي الخام لتطوير هذين القطاعين على عكس دول الجنوب ، فارتفاع معدلات الفقر في الجنوب يؤدي إلى انخفاض نسبة التمدرس وارتفاع الأمية.
هذا يؤدي إلى تفاوت مؤشر التنمية البشرية فهو بميزة متوسط في الجنوب ، وبميزة مرتفع في الشمال .
5_ مجالات الشراكة المتوسطية
تعتمد على مجموعة من الآليات وتندرج في عدة محاور :
المحور السياسي والأمني: ملف الهجرة، مكافحة الإرهاب، الديمقراطية، حقوق الإنسان.........
المحور الاقتصادي والمالي : إنشاء منطقة حرة للتبادل الحر، التدبير المشترك للإمكانيات الطاقية والمعدنية والبحرية ، وتأهيل المقاولات ، وحماية البيئة...................
المحور السوسو ثقافي والإنساني : الشراكة حول قضايا المرأة والطفل والتربية، وحول حوار الحضارات والثقافات والأديان ..............
تسعى دول الجنوب الاستفادة من دول الشمال اقتصاديا و تقنيا ، بينما تحاول دول الشمال استمالة دول الجنوب إلى جانبها للحد من ظاهرة الهجرة السرية ، والمخدرات ومكافحة الإرهاب ................
6_ حصيلة الشراكة اأورومتوسطية
انخفاض قيمة الاستثمارات الخارجية للإتحاد الأوربي في دول الجنوب .
علاقة قائمة على المصالح الاقتصادية بالنسبة لدول الشمال أما دول الجنوب فهي تخضع للاستغلال الإمبريالي بطرق أكثر حداثة وتقدم.
قلة الحوافز في الجنوب (ضعف الأسواق، الحواجز القانونية...)
الصراعات التي تعريفها المنطقة ( العرب والكيان الصهيوني )
غياب التنسيق بين دول الجنوب
ضعف الاستقرار السياسي
تزايد حدة الهجرة
هذه العوامل كلها تجعل الشراكة المتوسطية في خبر كان ، ما يجعل الحصول على حصيلة إيجابية أمرا مستحلا إن لم نقول بأنها غير ممكنة.
6_ أفاق الشراكة الأورومتوسطية
العمل على دفع دول الجنوب في تبني الديمقراطية كختيار سياسي ، وزرع ثقافة حقوق الإنسان .
احترام الخصوصيات الثقافية والدينية والتفاهم المتبادل .
التخفيف من ديون دول الجنوب .
لكن غياب مغرب عربي موحد يفوت فرصة الحوار والشراكة الحقيقية بين دول الضفتين ، وذلك في ظل غياب الإستقرار السياسي على المجال المغاربي .

» كوريا الجنوبية : نمودج لبلد حديث النمو الإقتصادي